الانتخابات البلدية والمشاركة الإيجابية

  سيكون الوطن قريباً على موعد مع استحقاق الانتخابات البلدية في تجربتها الثانية، والذي يأتي في خضم مجموعة من المتغيرات الإقليمية والدولية على مختلف الصعد






 وفي ظل رؤية تقييمية تكاد تكون قد تبلورت من المواطنين حول تجربة الانتخابات البلدية السابقة والتي كرست بدورها عملية المشاركة في صنع القرار من قبل مختلف فئات المجتمع السعودي على مستوى المجالس البلدية، وعززت في نفس الوقت ثقافة العمل المؤسسي الجماعي على صعيد إدارة شؤون المدن والقرى. لقد جاءت الخطوة الإيجابية التي أعلن عنها الشهر الماضي بتشكيل المجلس الوطني لمراقبة الانتخابات البلدية لتشكل نقلة نوعية على طريق مشاركة منظمات المجتمع المدني في الشأن العام، ولعب دور فاعل باتجاه تكريس أعراف سياسية ورقابية في العملية الانتخابية وتطبيق أرقى المعايير الانتخابية بما يحقق الشفافية والنزاهة، وهي في نفس الوقت استجابة حضارية وواعية من وزارة الشؤون البلدية والقروية للرغبة التي أبدتها اللجنة الوطنية للمحامين في السماح لها بمراقبة أعمال الانتخابات البلدية. وفي نفس السياق يلاحظ هذه الأيام عدم وجود حماسة ملحوظة لدى الكثير من شرائح المجتمع لهذه الانتخابات، خاصة وأن ذلك يترافق مع فتور في التغطية الإعلامية لهذا الحدث الذي يستوجب من جميع وسائل الإعلام المحلية إلقاء الضوء على أهميته والعمل على تعميق الوعي الانتخابي لدى المواطنين ونشر ثقافة الانتخاب من خلال إطلاق حملات توعوية شاملة هدفها تحقيق استجابة واعية ومسؤولة للانتخابات البلدية وتحفيز وتشجيع المواطنين على الحصول على البطاقات الانتخابية وإظهار هذه المشاركة من باب الواجب الوطني. لقد راهن الكثير على عدم نجاح التجربة السابقة ودورها في النهوض بالواقع الخدمي والمشاركة في رسم وصنع القرار وهنا يتوجب على المسؤولين والمختصين ووسائل الإعلام المساهمة في وضع تلك التجربة السابقة بسلبياتها وإيجابياتها تحت الدراسة وتبيان نقاط القوة ومواطن الضعف الذي صاحب تلك التجربة في سبيل الارتقاء وتطوير التجربة الثانية التي ستبدأ خلال شهور قليلة. إن الاهتمام الكبير الذي حظيت به الانتخابات السابقة على الصعيد الشعبي والرسمي بنفس الوقت جاء تعبيراً صادقاً عن قناعة مشتركة من الجميع بضرورة المشاركة الشعبية في صنع القرار والمساهمة في عملية التنمية الوطنية الشاملة التي تشهدها المملكة في ظل خطوات التطوير والتحديث التي أصبحت ضرورة وأكثر إلحاحاً في ضوء التغيرات والتطورات المتسارعة التي نعيشها، وكذلك جاء الاهتمام ليجسد حرص القيادة على توسيع دائرة المشاركة الشعبية في ظل تنامي الوعي لدى المواطنين الذين يملكون بلا شك القدرة على تحمل المسؤولية ويتمتعون بالكفاءة في إدارة وتنمية شؤونهم. وبغض النظر عما انتهت إليه الانتخابات السابقة فيما يتعلق بالنتائج، وخاصة لجهة فاعلية المجالس البلدية وما قدمته من إضافات للعمل الخدمي والمؤسسي الذي يهم المواطنين فإن الواجب الوطني يدعو الجميع لزيادة الاهتمام بالانتخابات الحالية والدفع نحو تطويرها والنهوض بواقعها وذلك لا يتحقق إلا بالقناعة المطلقة أن مسيرة التطوير والتحديث التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لابد أن تتعزز خطواتها نحو الوصول إلى ثقافة المشاركة الايجابية وقيام كل مواطن بواجبه والانطلاق من الواقع وتطويره لبناء مستقبل الوطن والمواطن.