غوانتانامو ومعايير المفرج عنهم

 - عمدت السلطات العسكرية الأمريكية إلى إطلاق وصف ( المقاتلين الأعداء ) على معتقلي غوانتانامو كمحاولة منها للتهرب من الاستحقاقات القانونية المتعلقة بحقوق المعتقلين بصفتهم أسرى حرب تنطبق عليهم أحكام اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحقوق أسرى الحرب ، كما أنها ما تزال متمسكة بموقفها من عدم عرض المعتقلين أمام القضاء الفيدرالي الأمريكي أو حقهم في توكيل محامين وتوجيه تهم محددة لهم تتعلق بالمشاركة في أعمال عنف .

ومع دخول معتقل غوانتانامو عامه السادس تزداد الشكوك حول قدرة السلطات الأمريكية من توفير أدلة وإثبات أية تهم محددة بحق المعتقلين تتعلق بمشاركتهم بأعمال إرهابية ، ويمثل الإعلان مؤخرا عن بدء جلسات المحاكمات العسكرية بمجموعة من المتعقلين ( ومنهم           خالد الشيخ ) الذين بالأساس كانوا محتجزين في معتقلات سرية حول العالم واحضروا مؤخرا إلى غوانتانامو ليعطوا صبغة على المعتقلين الآخرين الذين فشلت السلطات العسكرية حتى الآن في إثبات صلتهم بالإرهاب ، وبالتالي برأينا تمثل هذه المحاكمات الأخيرة مقدمة لمسرحية مكشوفة تحاول من خلالها هذه السلطات إيهام الرأي العام الدولي والأمريكي بخطورة المعتقلين وصوابية الخطوات غير القانونية وغير الإنسانية التي انتهجتها خلال أكثر من خمس سنوات بحق ما يقارب 600 معتقل .

 

-  بالنسبة للمعتقلين المفرج عنهم من غوانتانامو لم تتضح إيه قواعد أو معايير معينة تعتمد عليها السلطات الأمريكية في قرارها الإفراج عنهم ، لكنه ومن خلال متابعتنا لهذا الملف ومعلوماتنا الخاصة ومقابلاتي مع الكثير من المفرج عنهم سعوديين وغير سعوديين ممكن أن استنتج إن معظمهم تم الإفراج عنه بسبب طبيعة سلوكه الذي يتميز بالشغب وعدم إطاعة الأوامر والاعتراض على ظروف الاعتقال والمشاركة في الاضرابات عن الطعام التي تحصل بين الحين والآخر ، وممكن أن نتفهم من هذا السياق قضية المعتقلين الثلاثة المتوفين والذين ادعت السلطات الأمريكية أنهم انتحروا حيث أكد زملائهم المفرج عنهم أنهم كانوا من طليعة المعتقلين الذين يتميزون بالشخصية القوية ، وقد شاركوا في أعمال احتجاج عنيفة ضد الجنود المسؤولين عن حراستهم داخل السجن وانه تم إدخالهم المشفى أكثر من مرة لتعرضهم للضرب والتعذيب ، وهذا برأينا يؤكد الفرضية بأنهم قتلوا ولم ينتحروا .

 

- بالنسبة للمعتقلين السعوديين المفرج عنهم قامت السلطات المختصة بالتحقيق معهم ومحاكمتهم أمام القضاء حيث تم تبرئة الكثير منهم وإدانة بعضهم بتهم لا تتعلق بالإرهاب وإنما بمخالفة أوامر وتعليمات ولي الأمر ، مع تأكيدنا أنهم عوملوا معاملة حسنة وصونت كرامتهم ولم يتعرضوا إلى الإساءة بل على العكس تم توفير العناية والرعايا سواء أكانت طبية أو نفسية أو حتى اجتماعية وشرعية من خلال لجان المناصحة والإرشاد ، وكذلك توفير سبل الاهتمام بأهاليهم وتأمين زيارتهم فور وصولهم إلى ارض الوطن .

 

وأما بالنسبة للمعتقلين من بقية الدول التي لها معتقلين في غوانتانامو فكما تابعنا ومن خلال زملائنا من المحامين المتابعين لقضاياهم تم محاكمتهم والإفراج عن معظمهم لعدم ثبوت أية تهم بحقهم وهذا هو تأكيد واضح على عدم قانونية الاحتجاز الذي تعرضوا له فضلا عن بطلان تهم الإرهاب التي حاولت السلطات الأمريكية تسويقها ضدهم للدفاع عن موقفها غير القانوني في استمرار اعتقالهم في غوانتانامو .

 

المحامي كاتب فهد الشمري
وكيل أهالي المعتقلين السعوديين في غوانتانامو
www.katebshammari.com
katebalshammry@hotmail.com