كأس المؤسس.. فروسية الحكام.. وذكريات الأيام

 صحيفة الجزيرة يوم السبت 16 / 3 / 2019 م 

إن الفروسية محمودة في كل أحوالها، فهي سمة محببة في شخصية الإنسان، ولاسيما الاجتماعية، فالفروسية بطبعها تصنع الرجال، وتجعلهم موضع التقدير والاحترام، لهذا كانت وصايا العرب والمسلمين لأصحابهم أن (علّموا أولادكم ركوب الخيل) لما فيها من خلق لقوة الشخصية، وتنمية القدرات الذاتية لمن يمارسها، لهذا نجد جميعنا أن شخصية الفارس تختلف عن بقية الشخصيات، فهو في العادة لماح وذكي ودقيق الفهم وغيرها من الصفات التي لا يتسع المقال لسردها أو شرحها..

وحينما نجد أنفسنا في رحاب بطولة كأس الملك المؤسس تعود بنا الأيام لتذكرنا بالملك الفارس، بالمؤسس الشجاع الذي لم يكن يحلم بالفروسية فقط، بل طوع الفروسية تحت قدميه لينهض ببلاد من الركام وجعلها في أعالي السحاب، وما ذاك إلا لأن الفروسية كانت فطرة متأصلة في نفسه، وسمة منحه الله تعالى إياها دون جهد أو تعب، فكان بحق الفارس الملك والملك الفارس، فما أجمل أن يكون الحاكم فارساً، لأنه يدرك طبيعة النفوس وكيفية التعامل معها، فمن أجاد التعامل مع الخيول وركوبها وفتح البلاد بها، يعرف مزايا كل من يقابله وما يتأثر به وما يؤثر فيه، وتلك الشخصية لم تكن سوى شخصية الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه..

إن دراسة شخصية الملك المؤسس لا يمكن اختصارها في مقال، أو تغطيتها في عددٍ من أعداد مجلة، بل تحتاج لكتب كبيرة، وأنا هنا عزيزي القارئ لا أتناول إلا نزراً يسيراً وجانباً مختصراً من جوانب تلك الشخصية التي أبهرت العالم بأسره، بحكمتها، وحنكتها، وشجاعتها، وإقدامها، وقوة شخصيتها التي جعلت القاصي والداني يدينون له بالولاء والسمع والطاعة طواعية منهم دون إكراه.

إن إقامة هذه البطولة، وهذا الكأس تعيد بنا الذكريات إلى تلك الأيام التي خلت، وكان المؤسس رحمه الله يمتطي جواده ويفتح البلاد شرقاً وغرباً، حتى فتح الله عليه من خزائن فضله ما مكّنه من توحيد البلاد في رقعة جغرافية واحدة، وتحت راية واحدة، جعلها علامة شكر لله تعالى وامتناناً له على فضله وإحسانه، فاختار راية التوحيد، لتكون شعار بلاده متميزة به دوناً عن بقية دول العالم أجمع..

إن هذه البطولة ليست بطولة ليومٍ واحدٍ، وإنما هو تاريخ متجذر في النفوس والقلوب، وحب متبادل بين ملك فارسٍ أقام العدل بين الناس، فأقام الله ملكه عليهم، وحببه إلى قلوب العباد في حياته وبعد وفاته، ومن يحمل لقب هذه البطولة يكفيه شرفاً أن يذهب إلى منزله وبيده كأس الملك المؤسس، الذي يعني التاريخ والتراث والحكمة والشجاعة والإقدام، ويعني قبل ذلك كله تاريخ ملك صنع التاريخ بأبهى صوره وأشكاله متوكلاً على ربه، ومن بعده الملوك الذين حملوا على عاتقهم حماية هذه البلاد المباركة وتطويرها وتنميتها أرضاً وإنساناً حتى وصلت القيادة إلى ملك الحزم والعزم الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين أشبه الناس بجده الفارس محمد بن سلمان حفظهما الله تعالى ومعهم المخلصون من أبناء هذا الوطن الذي يستحق منها كل تضحية وإخلاص ووفاء..

 
 

 

إنني أهنئ الفروسية بشكل عام وإدارة نادي الفروسية ممثلة برئيس مجلس الإدارة ومدير عام النادي وأهنئهم على إقامة هذه البطولة التي نتشرف بها جميعاً، ونتشرف أن نجتمع معاً في بطولة الملك المؤسس عبدالعزيز في ميدان الملك عبدالعزيز.

هنيئاً للمالك والفارس والمدرب الذين سيكونون على موعد مع هذا الشرف الغالي، وهنيئاً للفروسية بتنظيم هذه البطولة، لأنها أقل ما يمكن تقديمه لملك رحل عنا وقد أدى ما عليه لربه ودينه ووطنه، فله منا الشكر والتقدير ومن الله الرحمة والغفران.

مالك اسطبل النشاما